- تعديل السلوك Behavior modification:
تنصُّ نظرية تعديل السلوك على أن التبعات الخارجية external consequences هي التي تقرر سلوك الموظف.
و ترجع هذه النظرية إلى الأعمال الرائدة التي قام بها عالم النفس سكينر B. F. Skinner في مجال تكييف السلوك الإرادي من خلال نتائجه (Operant conditioning). في تطبيق نظرية سكينر تُستخدمُ أساليبُ تعزيزٍ reinforcement متنوعة لتشكيل السلوك من خلال نتائجه. و المقصود بالتعزيز هو: استخدامُ مستحث stimulus ليجعلَ السلوك أكثر تكراراً.
و أساليب التعزيز المندرجة في تشكيل السلوك و التي يعطي كلٌ منها نتيجةً معينة هي الأربعة التالية:
- التعزيز الإيجابي positive reinforcement: و يعني تقوية السلوك بمقابلته بنتيجةٍ سارَّة. إن عبارة الثناء و التهنئة التي يوجِّهها المشرف إلى موظفه الذي حقق المبيعات المطلوبة هي تعزيزٌ إيجابي و سينتجُ عنه ميلُ الموظف في المستقبل لتكرار النجاح مرةً بعد مرة.
- التعزيز السلبي negative reinforcement: و يعني تقوية السلوك بمنع نتيجة كريهة.و يعرف هذا أيضاً بالتعلم الاتقائي avoidance learning. و من أمثلة هذا التعزيز الواقعية حضور الموظفِ إلى اجتماع العمل في الوقت الملائم ليتجنَّبَ تأنيب المدير للمتأخرين.
- العقوبة punishment: إنها إضعاف السلوك بتطبيق نتيجةٍ كريهة. و من أمثلتها تلقي الموظف للتوبيخ جزاءَ خرقه سياسة المنظمة ثم نرى هذا الموظف في المستقبل أبعدَ عن تكرار تلك المخالفة. و الملاحظ هو أن كثيراً من المدراء يركزونَ على استخدام هذا التحفيز الزجري أكثر من أساليب التحفيز الترغيبية الإيجابية.
- التخميد Extinction: و يعني إضعاف السلوك بتطبيق نتيجة محايدة, أو الإحجام عن إتباعه بنتيجة سارَّة.
لنفترض مثلاً أن أحد الموظفين كان يعملُ من تلقاء نفسه وقتاً إضافياً في أيام العطلات لضمان الوفاء بالموعد المحدد للزبون... إذا لم يكافئ رئيسه هذا السلوك أو حتى يقدره فهل تتوقع من هذا الموظف تكرار سلوكه هذا في المستقبل؟ بالتأكيدِ لا! (و لا يدخل في حساب هذه الإجابة الموظفون الذين يهربون من بيوتهم لأسبابٍِ قاهرة أو المشرَّدون الذين لا بيوت لهم !).
- الأشكال المختلفة لتطبيق التعزيز:
تتعلق فعالية تشكيل السلوك بتكرار التعزيز الذي تطبقه عليه.
و نميز هنا بين التعزيز المستمر continuous reinforcement المشاهد عندما تطبق التعزيز تلقاءَ كل استجابةٍ صحيحة, و التعزيز الجزئي أو المتناوب partial reinforcement المشاهد عندما تعززُ السلوك تلقاءَ بعض الاستجابات و ليس جميعها.
و عند تطبيق برنامج التعزيز المتناوب تجدُ أمامكَ خيارين اثنين:
- تبديل تكرار المكافأة تبعاً لمعدَّل الاستجابة لا للزمن المنقضي و يدعى هذا ببرنامج معدَّل الاستجابة ratio schedule .
- تبديل تكرار المكافأة تبعاً لفواصل زمنية دونَ اعتمادٍ على عدد الاستجابات الصحيحة ضمن الفترة الواحدة.
و يدعى هذا ببرنامج الفواصل الزمنية interval schedule.
يمكنك الاختيار بين أربعة برامج أساسية للتعزيز المتناوب, و كل ما عداها إن هو إلا تنويعات و تركيبات منها.
برامج التعزيز المتناوب:
- المعدَّل الثابت Fixed Ratio (FR): يطبق التعزيز في هذا البرنامج بعد عددٍ ثابت من الاستجابات. و على سبيل المثال يتلقى الموظف المكافأة بعد كل ثلاث مراتٍ من إتمامه العمل في الموعد المحدد.
- المعدَّل المتغيِّر Variable Ratio (VR): يطبق التعزيز هنا بعد عددٍ متغير من الاستجابات الصحيحة المرغوبة.
و على سبيل المثال تتلقى الموظفة المكافأة وسطياً بعد خمس رسائل شكرٍ من الزبائن و لكن إذا تلقت مكافأتها الأولى بعد الرسالة الأولى فإنَّ مكافأتها التاليةَ لن تأتي في الموعدِ ذاته بل قد تكونُ بعدَ الرسالةِ الرابعةِ أو السادسة.
- الفاصل الثابت Fixed Interval (FI): هنا يطبق التعزيز تلقاء الاستجابة الأولى بعد فترة زمنية ثابتة. مثلاً:يكافئ المدير الموظف بعد خمسَ عشرةً دقيقة من وصوله إلى العمل على وقته.
- الفاصل المتغير Variable Interval(VI): و هنا يطبق التعزيز تلقاء الاستجابة الأولى بعد فترة زمنية متغيرة.
مثلاً: يكافئ المدير موظفه وسطياً بعد أسبوعٍ من تقديمه تقرير النفقات في الموعد المحدد و ربما يتلقى المكافأة أيضاً بعد خمسةِ أيام أو تسعة...
- التعزيز المتناوب أجدى من التعزيز المتواصل كما أنَّ الربيع هو الأجمل بعد فصل الشتاء...
على المدى الطويل تعتبر برامج التعزيز المتناوب أكثر فاعليةً في توليد السلوك المرغوب من برامج التعزيز المستمر. كما أنها أكثر مقاومةً للتحول و خمود التأثير. و ترجع أفضليتها من هذه الناحية إلى أن الموظفين سرعان ما يعتادون على المكافآت الممنوحة في برنامج التعزيز المستمر لتبدأ آثارها على السلوك بالاضمحلال.بينما يؤدي إدخال عنصر المفاجأة أو التغيير في عملية المكافأة من خلال برامج التعزيز المتناوب إلى احتفاظ المكافأة بتأثيرها مدةً أطول. و بناءً على ما سبق نرى الناجحين من المدراء يثابرون على تغيير مكافآت موظفيهم و تغيير ظروف منحها.
مثلاً: في شركة محاماة بيركنز كوي Perkins Coie في سياتل Seattle. تقوم لجنةٌ يديرها الموظفون أنفسهم و تدعى باسم " لجنة مسرَّات الموظفين " بالحفاظ على موظفي الشركة في حالةِ ترقبٍ نشطٍ و سرورٍ و توقعاتٍ وردية لا تكادُ تنقضي! و من نشاطاتها في تقدير الموظفين الفعاليات التالية:
- غداء جاهز و نزهة بحرية في المنطقة القريبة من مقر الشركة.
- احتفال بعيد أمنا الأرض! يوزع على موظفي القسم غراسٌ و أكياسٌ تراب و سماد و تُرصدُ جائزةٌ لأفضل من يعتني بنبتته. ( و من النتائج الجانبية الرائعة لهذا النشاط بدء الحوار الذي يولده السؤال عن أحوال النباتات و ما يلزمها من عناية بدلاً من أن تمر أشهر و سنون لا يتحدث فيها أحد مع أحد. إن ضجيجَ هذه النشاطات و هي تحطم الحواجز بين البشر رائعٌ حقاً!)
- يوم تكريم القدماء. في هذا اليوم يكرِّم الموظفون الخمسة و الثلاثون الزملاءَ الخمسة القدامى.فيقام على شرفهم حفلةُ غداء تحضَّر جماعياً بأطباق منزلية, مع كعكة رائعة و بالوناتٍ ملونة!
تذكر: إن برنامج التشجيع القائمَ على مكافئات مملة ليسَ إلاَّ مضيعةً للوقت و الجهد. غيِّر بدَّل!